قراءة انطباعية بعمق القصيدة / بقلم : حنان بدران لنصّ " نيكروفيليا " / بقلم : أحمد نجم الدين - العراق
قراءة انطباعية بعمق القصيدة / بقلم : حنان بدران
لنصّ " نيكروفيليا " / بقلم : أحمد نجم الدين - العراق
قصيدة سريالية بامتياز
وأنت تقرأ من العنوان ومن بداية القصيدة كأن الكاتب يعتمد على تحرير اللاوعي حتى يتمكن الكاتب من ذلك وهو في حالة الإبداع في لحظة اندماج الوعي باللاوعي من بلوغ نمط سريالي حقيقي من الإبداع .
مثال
✓✓فالكاتب هو الذي يشهق أنفاسه الأخيرة من نور المطر
أي تخيل لتلك الشهقة من لمعة حبات المطر وهي تقتبس منها النور ؟!
وحتى يساعد ذاته يقوم بإحداث شقٍ في رئة الريح
متسائلا إن لم يحدث ذلك الشق كيف لها أن تتنفس؟!
✓✓كأنه الهارب من الأعماق ويحمل مؤونته من الأوكسجين فوق ظهره وكأن القاع ساكن إلا من ضجيج تنفس الفقاعات الراكضة إلى الأعلى وكل ما حوله يتأمله بما يشبه الغضب والاستهزاء كأنه تساؤل خفي ما الذي قذف به إلى هنا ..
✓✓والعرافات في قاع البحار لن تقرأ طالعك من فنجان
ولكن من فنجان القناديل المضيئة هل نحن بعصر العرافات وقرأت الفنجان هي من تحمل حياتنا من الداخل وما ننتظر أن نسمعه كأننا صورة بين الأمواج بكل عريها ؟
حتى بات الكل يبحث عن مصيره الغريق في ثنايا الغيب..
ويكمل حيرة القارئ بذات الوقت متسائلا
أكانت قهوة بلا سكر أم علقما أم سما أم ضوءا ؟
ولكن التساؤل المريب يفضي بنا إلى نتيجة واحدة
وهي أن المادة التي تناولتها مادة سامة بالنهاية
ولعل الشاي المحروق على هيئة تراب...وما أصعب أن تشرب اختناق التراب .. لا تكهنات هنا فكل الحروف والظروف تفضي إلى موت محقق سواء ذكر العنكبوت السوداء التي تأكل زوجها ..
أو حتى الساعة الرملية النبض أخذ الوقت فيها جرعته من سم العقرب الذي يفضي بالنهاية فيك إلى الموت
✓✓والكاتب يكمل مسيرة الحروف السريالية الرؤى بطريقة
بشعة ولربما أقرب ما تكون مقززة كل الصور المخاطية التي تبشر بحياة هلامية الملامح ..مفجع أن نرى أجسادنا صارت تحمل رؤوسنا في مأتم رؤوسنا
نحن هنا أمام تساؤلات خطيرة المعنى وبعمق الواقع المدان كل الساعات هي ساعات موت هل نرمي العقرب السام ليلدغ حيرة السؤال أو لينفث حيرة الموت فينا وبروحنا الإنسانية ؟
أم باتت العلاقات هي علاقات سامة حتى أقرب العلاقات باتت غادرة ومخيفة ومتوحشة .
تماما كالعنكبوت السوداء أو كما يطلق عليها الارملة السوداء التي تأكل زوجها بعد الانتهاء من التزاوج
وكأن الكاتب يقول لنا :
باتت العلاقة بين المرأة والرجل كأنها دورة استغلالية لتأكله .
هل باتت الشخصيات بالحياة مدانة بالساياكوباتيه ..؟
إن الخلل أصيب به الأكثرية وطوفان انحرافها وعالمها الخاطئ القيم والاتجاهات الذي بات لا يحتمل ..
هل الواقع بات ما يفرزه هو سواد البشر ؟
هل كل ما حولنا تحول لانفصامية مدانة بالخيبات ؟
وكأن بالكاتب العائد بالذاكرة وهو يتلاعب بالأزمنة
يعيدنا إلى ريعان شبابه وهو يقاسمنا مغامراته مع تلك المرأة التي وصفها بالحرة التي لم تقبل نزواته فشنقت ما كان وبقيت كلوحة معلقة على جدران الحياة تختبئ ابتسامتها بلوحة الموناليزا في متحف الخذلان أمام الغيرة العمياء التي طمست مشاعرها وذوت فيها وكل غيرة مجنونه هي غيرة مرضية وغير سوية وتنم عن شخصية ضعيفة وغير واثقة ومهما كانت حبلى بالحب المجنون هي تهرب تاركة خلفها كل ملامحها النورانية والتي تبعث على الحياة ..أمام ذلك الفهد الصياد الماهر
ترحل وهكذا يموت الأحرار يموتون بصمت الخذلان ولا براءة أمام الملطخ بالسواد وكل ما بات يفرز من عمق الغيبيات الضحلة والقاتمة .
وكعادة شعراء النثر ابتكار طرق أخرى للتعبير بحيث تكون أغنى بالصورة وتكثيف العبارة
✓✓ويرحل الضابط العسكري لانقاذ الأبرياء
ولكن الأمر لا يبقى كعادته فهو إنسان ساياكوباتي المزاج لا فرق بين قلبه وعقله ، ذاك ينبض لك وهذا يفكّر بك .. كلاهما أنت ، ولا يعرف بالضبط أين هو بينهما .
أمام الإبادة الجماعية التي تمارس على الأنقياء
لتولد فاجعة الموت المبتسم أمام الحياة ليكتشف أن كل الجنود هم في مرحلة نيكروفيليا ؟ ! ".
وكان من لا جدوى من نشر الإنسانية في البشر التي تحولت كلها إلى علاقات غير سوية تبحث عن شريك ميت لا يبدي أي نوع من الرفض أو المقاومة وخرقت حتى حرمت الموت وكل إنسان يصل إلى هذه المرحلة المقززة والبشعة والغير سوية ليتحول لحيوان بشكل إنسان .
وعندما يطلب المغفرة ليجد الرحمة والعفو ليجد نفسه هابطا في دنس جديد ومكر جديد ..لفشله في محاولة لبناء أي نوع من العلاقات السوية.
الطبيعة الساكوباتية صعب أن ننكرها ومهما حاولت أن تكون إنسانا يبقى الحيوان الذي انفصل وانفصم عن طبيعته تحول لخبيث ماكر يمارس مكره الجنوني
دون العظة لما كان أو سيكون .
حال البشر حين تصاب بهذا الهذيان والجنون من الانفصامية الغير سوية أنها الازداوجية المروعة بين ما نقوله وما نفعله وكأننا بتنا في خلل نفسي جماعيا بكل ما فيها لم نرحل لقارة الجنون والعقل بين الاستسلام النهائي إلى تخوم الانفصامية الكاملة من هذا الواقع المعذب وها هو كاتبنا ا.أحمد.... يزحف بكلماته من أرض الجمر والزجاج المسحوق من عالم الواقع يكتب مرثية أخرى على تكاياه.
بقي أن انوه لنوع الكتابة التي اعتمدها الكاتب كانت مجموعة من الألفاظ والعبارات القادرة على إثارة جو انفعالي خاص ، فكتاب سريال كتاب هدمي ذو أفق نظري السريالية ، وذو أفق ابداعي قصيدة النثر ، وهذين أفقين مترابطين عضويا فالتحرر الشكلي الخارجي لا بد أن يتبعه تحرر داخلي فالتحرر الخارجي يتمثل بالانتقال إلى شكل أكثر تحررا من كل نظام أو قيد وخاصة نظام الوزن والقافية ، وهذا التحرر الداخلي فيتمثّل في الوصول إلى تشكيل شكل شعري وفق أسمى مبادئ السريالية التي تنادي بإطلاق اللاّوعي
أو الشعور أثناء الكتابة التشكيلية المنفردة .
تحياتي واحترامي لكل هذا التجدد في الصورة والمبنى والمعنى ا.أحمد نجم الدين .
بقلم
حنان بدران
النّص "نيكروفيليا" / بقلم : أحمد نجم الدين - العراق
لتشهَقَ أنفاسي الأخيرة نور المطر؛
أُحدِثُ شقاً في رئة الرّيح... فكيف لها أن تتنفّس؟!
أ من فتحةِ نفثِ الحيتان عندما تغرقُ البِحار؟
تلك العرّافة الّتي قرأت فنجان القناديل...
أ كانت قهوةً بلا سُكّر أم علقماً أم سمّاً؟ أم ضوءاً !؟
لعلّه شايٌ محروق بهيئةِ تُراب...
كيف تنبّأت بموتي كذكرِ عنكبوت !؟
رَمَيْتُ عقرباً بوجه ساعةِ الموت الرّملية النبض؛
لتَنْفُثَ في روحي حياةً مخاطيّة ممزوجة
بنُشارة خشب من خِزامة أنفها المعجون بالطين !!
فأكونُ كائناً مُبهرجاً من هُلام...
تُعيدُ الطبيعةُ تشكيلي كلّما أفشلُ و ألوذُ بالفرار !!
أذكُر بأنّني كُنتُ شاباً وسيماً...
عِشِقتُ امرأة من شُعاع عمياءَ من الغيرة !!
كانت تعدّ لي كلّ ليلةٍ وجبةَ سعادةٍ دسمة؛
بعد كلّ قصيدةٍ أُلقيها في وجهها النورانيّ...
عيناها الرماديّتين، شامتها البُنيّة على خدّها الأيمن...
شعرها الأرجوانيّ الغريب المُبهِج !!
قوامها المُموسق المنحوت كشجرة الغاف...
ظبية حُرّة... لكنّني كُنتُ معها كالفهد الأسود !!
في إحدى نزواتي شاهَدتني من خُرمِ الحقيقة...
فشنقت نفسها في مرآةِ لوحة !!
فأصبحتْ قرينةِ الموناليزا في متحف الخُذلان.
لأتحوّل لضابطٍ عسكريّ مُهمّتي إنقاذ الأبرياء...
كعادتي العصبيّة المُتهوّرة أُشعِلُ فتيل الموت !
أمرٌ ديمايغوجيّ؛
إبادة قرية دائمة الرّبيع مُبستنة بالنّقاء...
ورداً و عطراً... قلباً و روحاً...
بعد الفاجعةِ فاجعةٌ أُخرى !
الجنودُ يضاجعون الأموات... أطفالاً و نساءا !!
كان من الجّلي تفخيخ المكان بالمبادئ الإنسانيّة...
أمرٌ عقلاطفيّ... تفجيرهُم و أنا معهُم.
ليتدخّل القدر متّفقاً مع الطّبيعية بجعلي النّاجي الوحيد...
فأنسلخُ حيّاً لطفلٍ بذيلٍ و قرنين من نار !!!
شيطانٌ إنسانيّ صغير...
أصعدُ إلى قمّة الجّبل و أُناجي السّماء...
أدعو الغُيوم لتغسلني من الذنوب !!
أبتهلُ من الشّمس لتُنشّفني من الدّنس...
فأعيدُ كرّة الحياة بمكرٍ جديد.
تعليقات
إرسال تعليق