لحظة التحول في الحياة / بـقلم : ليلى الحنين
لحظة التحول في الحياة.
بين الصيف والشتاء، بين الليل والنهار، بين الحب والكره، بين الحياة والموت، بين الولادة والبعث، بين المعقول واللا معقول.. كلها تصنيفات تأتيك على حين غرة، تعبث بك، تحولك إلى دوامة لا تستطيع الخروج منها.
حين خرجت من بلدي، تضاءل الأمل في إيجاد ملاذ، ضاقت بي السبل، حولتني الحرب إلى آلة، تاكل لتعيش، لا تفكر، ولا تنام، ولا تكتب ولا تحلم، تمر لحظات ثقيلة.. تعتقد فيها أن نهاية كل الأشياء الجميلة قد حانت، بما فيها النوم والنوافذ مشرعة، تخاف من أن رصاصة غادرة قد تفتك بك وأنت نائم، ثم تستيقظ من أحلامك السوداء لتجد نفسك حي.
التناقض من أن تكون حيا وأنت ميتا بالفعل، يخلق منك رغبة بالحياة أكثر من أي وقت مضى، وهذا الذي شعرت به تماما، كان علي أن أعرف حدودي مع الحياة، حدودي مع الغير، حدودي مع مقتضيات الوضع في البلد الجديد، كان علي أن أكون نسخة مغايرة لما كنت عليه من قبل، لأنني إن لم أفعل سأكون منبوذة ومكروهة.
تعلمت أن أكتب بدون أن أشعر بالغضب، لأن ذلك حولني فيما مضى إلى امرأة شرسة، خسرت خلالها أحبائي، لم أربح من عذاباتي إلا الحزن والفراق، تعلمت ألا أتذكر، ألا أنسخ ذكرياتي كما هي، أضفت إليها ( بهارات) أصدقاء جدد، بلد جديد، وبدايات جديدة.
من كان يتصور، أننا - بلحظة - سنكون مسؤولون عن حياتين إحداهما مرة، جافة، شرسة، نتفاوض مع أنفسنا لنحرر عذاباتنا.
في كل مرة أكتب، أحاول أن أكون سعيدة، متآلفة مع نفسي، لكن جرحا ما يظل ينزف، حتى حروفي تظل غاضبة، إنها لا تتركني استرسل، و كأن ظل جاراتي في البلد يلاحقني، وكأنني تركتهم وهربت، كأنني خفت، كأنني ضعفت.
أحيانا يسألونني :
هل ستعودين؟
لا.
لماذا؟
لأن ظل الأشياء التي تركتها خلفي لم تعد موجودة، ظل أبي وأمي، ظل صديقاتي، ظل مكتبتي في البيت، ظل الشارع الذي كنت أنتظر فيه حبيبي، ظل الوقت الذي حسبته حلواً.
لحظة التحول في الحياة / بـقلم : ليلى الحنين
تعليقات
إرسال تعليق