(حكايا شهرزادية) ماورائيات : بـقلم / عائشة زاهر

حكايا شهرزادية 
ماورائيات 
من خلف الباب الموصد تشعر أنّ البيت شُيِّد على برزخ  بين عالمين متناقضين، إذ لا تسمع إلا لأصواتٍ مبحوحة و أنّات مهموسة و جلبة لطقوس بوهيمية ،كأن تسمع القرع على الجُدران و النّقر بالأقدام أو التّصفيق أو تراتيل لتهويدات روحانية،و أناء اللّيل تحتدم وتيرة الأصوات بالغضب أو بالضّحك لساعات مُتتالية، تشعر حينها أن البيت مسكون بأرواح عُلوية وي كأنها تراقب العالم الخارجي بعيون سحرية و تتفاعل مع ماتراه تلقائيا!
سترى الوافدين على الباب يتقدمون بتؤدة و حذر، يطرقون فيُفتح لهم، لكن سرعان ما يخرجون مُهرولين،  يتدحرجون كالكرة، يتعثرون في سيرهم، يمسحون الغبار العالق عليهم، يرتِّبون هنداهم، يُتمتِمون بكلمات غاضبة وهم يُلملمون ماتبقى من كرامتهم و يتقدمون و لايلتفتون!
وبعد أشهر وجيزة يعودون و هم مستبشرون، يحملون أغراضا و هدايا، فيُفعل بهم كما في المرة الأولى و الثّانية و هكذا دواليك ؛و تلحق بهم هداياهم مُحلِّقة، متناثرة.
لا يعلمون أن تلك الأرواح لها طاقة قوية في تحديد ماهية النُّفوس البشرية، لاتقبل بالهدايا و لا بالتملّق و التزلّف ؛ و كأنها تقول بنبرة حادة :" كن سليم القلب و أهلا بك بيننا."
بعد تجربة الباب الموصد أيقنتُ أن معظم الزائرين مُذنبون بشيء ما، برغم أنهم من الناس العاديين و الطيّبين إلاّ أنه لم يسلم أحد  من الإهانة على مدى أعوام طويلة إلا لمرات نادرة.!
و عجبي!

عاشقة الحرف والبنفسج 
(حكايا شهرزادية) ماورائيات : بـقلم / عائشة زاهر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

« إيكولاليا » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق

« بيت أمّي » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق

« موت مؤمّل » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق