( لوحة ) بـقلم / أحمد نجم الدين ــ العراق

يظنّ اِبني البكر بـأنّني لستُ وطنيّاً !!
نعم يا بُنيّ أنا عند سوء ظنّك....
ولدتُ في بقعةٍ مُباركة اِتّهمهُ التاريخ؛
بـأنّهُ بلد الشّقاق و النّفاق !!
رغم أنّي لا أومِنُ بـالتأريخ بـشكلهِ المُطلق.

في شارع المُتنبّي رأيتُ فنّاناً مُهمّشاً !!
كان يبيع لوحاته التجريديّة بثمنٍ بخس...
مَثّلْتُ بـأنّني أُقلّب كُتب زميله !!
و أنا أختلسُ النّظر على لوحاتهِ السّرياليّة...
حملتُ كتاب " الدّادائية و السّرياليّة " !!
بـحسّه الفنيّ نظر إليّ مُبتسماً و قال :
إن لم تكن قد قرأت هذا الكتاب فـاقرأه !!
مثلما تختلسُ النّظر للوحاتي المُتواضعة...
فضحكتُ و اِشتريتُ الكتاب؛
ثمّ قلتُ لهُ هل تسمح لي أن أجلس جنبك !!
رحّب بي، فـجلستُ بينهُ و بين اِبنه الصغير...
سألتُه عن أجمل لوحة رسمهُ بـريشتهِ !!
فأخرج من حقيبتهِ الكبيرة تُحفةً فنيّة !!!
فقال : ما رأيُكَ بهذه اللّوحة؟
اللّوحة كانت ضبابيّة جداً !!
عبارة عن جبلٍ أشبهُ بـالكُتب !!
يخرجُ منهُ نصفُ يدٍ من خشب...
كـأنّما يُناجي الرّب بـغيثٍ من سلام !!
يعلوها غيمة قطنيّة مائلة إلى الاخضرار...
الغيمةُ بـهيئةِ وجه إلهٍ يبكي !!!
تنزلُ الدّموع على النصف اليد الخشبيّة...
فـتثمرُ منها أغصانُ زيتون !!
المشهدُ كان حيّاً فـانتابني البُكاء...
قلت : بكم هذه اللّوحة؟
قال : ليست للبيع !!
لأنّها أوّل لوحة رسمها اِبني الصّغير !!
حقيقةً اقشعرّ بدني...
سألتُ من اِبنه :
ماذا تقصد بهذا الكم الهائل من الحُزن؟
فـقال : جبلُ الكُتب وطني...
و نصف اليد الخشبيّة أبي المُهمّش !!
أما وجه الرّب الباكي؛
هو اِستجابة الإله لـدُعاء أبي لـسلامة الوطن..
و الأغصانُ أنا و اخوتي.

أحمد نجم الدين ــ العراق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

« إيكولاليا » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق

« بيت أمّي » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق

« موت مؤمّل » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق