« كيوبيد » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق

اليوم وبعد عودتي مُتعبًا من العبوديّة؛
كان الطريق انسيابيّ الهدوء...
خرج من الأفق شعاعًا دافئًا،
حيث الغيوم حضنت الشّمس !
تلك الغمزة الباردة من عين الضوء؛
أدخلتني في غيبوبة الطُمأنينة...
فـسرحتُ في مرآةٍ من فينيق !
الرّياح انبلجت من شقّ السّماء كـنار...
حتّى صفعتني على جبهتي !
فـفقدتُ وعيي...
استيقظتُ في تمام ساعة صفر الخسوف؛
أحدهم دعك فانوس القمر؟
لـرُبّما كانت الطّبيعة تتنفّس كـمجرّة...
كُنتُ في حضن امرأةٍ من بحر !
أبعاد ظلالها ثلاثيّة التّلوين...
وأنا الّذي تنبّأت لي عرّافة الفلق؛
بـأنّ ظلالي بيضاء التّمرُّد...
فـاخْتَبَأتْ أوجه الشّمس الباردة؛
خلف أسوار الشّفق القزحيّ بـهدوء !
حتّى انتهت سيناريوهات رقص الألوان...
لذا ﺍﻧْﻜَﺸَﻔَﺖْ فتنكِ الحارّة؛
فـرأيتُكِ من وراء كواليس الحُبّ !
كُنتِ ترقصين عاريةً من بينوكيو أنفك...
صوت قهقهتكِ ﺃﻳْﻘَﻈَﺖْ منبّه ساعة اليقظة؛
أيادي خلخالكِ طرقت باب الحياة...
الرّنّة نبضة، والنّبضاتُ نوتات؛
سوناتا فرحكِ أيقظتني كـمُنفصمٍ من الموت !
كنتُ على وفاقٍ تام؛
بـأن تجعلي منّي رصّاصات عاطفيّة...
وتأخذيني على محملِ تأريخ ولادتكِ !
فـكُلّكِ بي كـورمٍ حميدٍ حتّى النّخاع...
ومن طراز متلازمةٍ رفيعة الخُبث !
عقلي مليءٌ بـالقلوب؛
وفي كلّ فصٍّ نصفكِ !
ونصفكِ الآخر في عقل قلبي؛
المليء بـالعقول المُتّفقة عليك...
لذا فـالفرار كـالإياب.
في إحدى أزمان الأحلام الضّبابيّة؛
وفي روضٍ من يخضور لم تعشقني الأشجار !
رغم أنّي أحببتُ طريقة حضنها للعصافير...
كنتُ أزقزقُ على لحنٍ حفيفيٍّ من ورد؛
ثمّ أغنّي "آه يا سهر اللّيالي" !
ذات مرّة ظنّت بـأنّني بلبلٌ بريّ؛
شعرتُ بـدفءِ ضمّها؛
كانت كـامرأةٍ حرّة !
وأنا السّجين البريء؛
في شقّ جدار ذكرى امرأة من برزخ...
لـطالما رسمتُ اللّقاء على حائطِ الجّذع !
بـأصابعٍ باكية السّهم...
في حالات اليقظة كنتُ دائمًا أحلمُ؛
بـأنّني وُلدتُ في مدينةٍ مسكونةٍ بـالتّماثيل !
قارئة فنجان الحيّ تنبّأت لي شمسًا من بُن...
تتساقط النّساء العابرات من سُلّم الغيم؛
فـتقعين على كتفي كـمطر؛
حينها كنتُ بـهيئةِ شجرة الصّنوبر !
رأسي باحة للطّيور المهاجرة...
أمّا الرّكن الآمن من أيسر صدري !
كان بيتكِ؛
وكنتِ أنتِ بـهيئةِ قلبٍ من سنجاب...
فـفي خضمّ هذه المتاهات العشقيّة؛
لا ريب في حُبّكِ اللّدود...
لذا حوّلتني الطبيعة لـكيوبيد.

«كيوبيد»
أحمد نجم الدين / العراق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

« إيكولاليا » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق

« بيت أمّي » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق

« موت مؤمّل » بـقلم : أحمد نجم الدين / العراق